Saturday 27 October 2012

بطلي - My Hero

سئلة محيرة عديدة و مشاعر غير متضاربة على الاطلاق بدرت الى ذهني في اللحظة التي قرأت فيها مجموعة أخبار عن التحرش، بعد أنقطاع طول عن متابعة أي نوع من الأخبار. علمت أن بالأمس تم تكوين مجموعات شبابية لا للتوعية ضد التحرش الجنسي، ولا لمساندة النساء في وسط بيئة ذكورية مليئة بالتحرش الممنهج، و العنيف. لكن لتعزز ذكورية و عنف المجتمع، عن طريق برهنة وجهة النظر الذكورية في الامرأة أنها فصيل من الأغنام المنزلية لابد أن يكون له من يحميه، و قد قام بهذا الدور البطولي العظيم الرجال الأقوياء مفتولي العضلات، الذين رأوا أن رسالتهم تجاه حوادث التحرش أن يتجهزوا بالعدة و العتاد و يهبطوا الى الشوارع فيما يشبه الميليشيات المسلحة، لييصيدوا كل من سولت له نفسه بالتحرش، يقوم بالمشاركة جماعة في أعطاءه "علقة سخنة"، و قد يفكروا فيما يليها أن يلقوا بما تبقى من جسده الدامي في أقسام الشرطة، كجزء كم كرم أخلاقهم المعتاد دوماً من الرجال المصريين الفحول. طبعاً، لا يخفى على أي أحد منكم نبرتي المتهكمة و التي بصعوبة أستطيع أن أكبح جماحها فلا تتعدى الا ألفاظ لا تسر.

و لكن مرة أخرى،  ميليشيات تحقيق النظام و الأستقرار ليست بجديدة على مجتمعنا المتحضر، ففي حين أدعينا أن الثورة سلمية جداً، كوننا مجموعات لحماية المنشآت الخاصة،  والتي من آن لآخر تلتقط بلطجي أو لص، فتوسعه ضرباً، حتى تنقلب الآية،  وتصير هذه المجموعات هي مجموعات بلطجة أكثر قسوة، و لكن بالطبع لأهداف "نبيلة" –ربنا يخليلنا نبيلة- في الوقت الذي قرر الشعب و المجموعات المسيسة، و مُدعين حقوق الأنسان أن يغضبوا للتعذيب، و للقتل، و الأجرام الحكومي، تحولوا بدورهم الا مجرمين، ولا ننسى ما كان يحدث للصوص أو المتحرشين الذين تم الامساك بهم في الميدان، فمنهم من رُبط في شجرة و هو عاري، و أوسع ضرباً، و منهم من لم يحتاج الناس لربطه فنال ما لذ و طاب من التعذيب النبيل، ذو الأهداف الحسنة، فلنشكر الثورة المصرية.

و في مسيرة تطورهم الدائم، قررت مجموعات الرجال الفتية أن دورهم لا يقتصر فقط على "فشخ" المتحرشين و اللصوص، و لكن أيضاً هناك دور سامي في حفظ الأخلاق العامة المصرية الأصيلة، و بدا هذا جلياً ليلة أمس عندما تفضلت هذه المجموعات بحماية أرثنا العظيم من الأخلاق و المبادئ و التدين عبر القبض على أربع شباب شواذ تم القبض عليهم داخل سيارتهم بأحد المناطق في القاهرة يمارسون "الرذيلة" .. بالتعاون مع السيارات المحيطة، تم أيقاعهم و أوسعوا ضرباً، ثم أرسلوا الى قسم الشرطة بعدما قرر المارة بالتعاون مع هذه المجموعات أنه لم يتبقى في أجسادهم أماكن تكفي كل من لم يصفعهم أو يركلهم، فأحقاقاً للحق،  و لعدم أستخدام الواسطة في تحديد من سيقوم بالضرب، أرسلوهم للشرطة، وقاية من الفتنة.

أعزائي لا تنخدعوا و تقولوا أن الحل الأفضل كان أرسالهم الى قسم الشرطة من البداية، فكيف نبرز ذكوريتنا العظيمة، و فحولتنا، و قدراتنا بدون أن نلقن المتشبهين بالنساء درساً، ففي النهاية هم يمثلوا خطراً عظيماً، فالشذوذ الجنسي كما نعلم معدي جداً لأطفالنا، و يهدد رجولتنا.

دي مش مقالة عن المثلية الجنسية، ولا عن التحرش، دي مقالة عن مجتمع قرر يكون مجموعات تحمي الستات لأنهم مش قادرين يحموا نفسهم، و تحفظ الأخلاق لأن الشرطة مش كافية، و لأن ذكورتنا بتنأح علينا... لازم الناس دي تقف عند حدها، الستات مش محتاجين حماية، الستات مش قًصر، و مينفعش الستات تفضل تنسج شكل كامل من الرجولة في خيالها لأن الستات نفسها بتعيد أنتاج نظام ذكوري قذر لأنها شايفة أن الرجولة أن حضرته يحميها، و حضرتها تجري عليه و تقوله "بطلي" .. 

No comments:

Post a Comment